<
Ads vérification

جنون الشهرة: لماذا يشوّه الناس أنفسهم من أجل المال على مواقع التواصل؟

في عصرنا الرقمي الراهن، أصبحت الشهرة والمال في متناول اليد، بشرط واحد: أن تتخلى عن ذاتك أو تشوّه صورتك أمام الملأ. من تحديات مُهينة، إلى محتوى مسيء، إلى استعراضات تخدش الحياء، يُقبل الكثيرون على ذلك بكل جرأة، دون أدنى اعتبار للقيم، مقابل “مشاهدات” تتحول إلى أرباح.

المحتوى الرخيص… تجارة رابحة في زمن اللاقيم

لا شك أن منصات التواصل الاجتماعي فتحت أبوابًا واسعة للتعبير والإبداع، لكنّها في المقابل، تحوّلت إلى سوق مفتوح للابتذال، حيث “كل شيء مباح” من أجل اللايكات والمشاهدات. يقول الشاعر:

“إذا لم تخشَ عاقبة الليالي ** ولم تستحِ فافعل ما تشاءُ”

وهذا ما نراه يوميًا: أشخاص يعرضون حياتهم الخاصة، أسرارهم، أو حتى كرامتهم، دون خجل، من أجل لقطات عابرة تجلب أرقامًا في خانة الأرباح.

تشويه الصورة الذاتية… ثمن الشهرة الزائفة

في سبيل المال، يقوم البعض بتشويه صورهم الذاتية عمدًا، إما عبر افتعال مواقف سخيفة أو تصرفات لا أخلاقية، بهدف إثارة الجدل. لكن السؤال هو: ماذا يبقى من الإنسان حين يبيع كرامته؟

“ومن يهن يسهل الهوان عليه ** ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ”

كلّما اعتاد الإنسان على إهانة نفسه، أصبح من السهل أن يبيع المزيد منها كلما زادت الأرباح.

الدين والكرامة الإنسانية… خط أحمر

في ديننا الإسلامي، الكرامة الإنسانية مصونة، قال الله تعالى:

“وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ” [الإسراء: 70]

فكيف يرضى إنسان أن يُهين نفسه وهو يعلم أن الله كرّمه؟

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ما يخرق الحياء والاحترام، فقال:

“إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت” [رواه البخاري]

إن من يسقط عن وازع الحياء، سيسقط عن كثير من القيم الأخرى.

المسؤولية المجتمعية… هل نحن جزء من المشكلة؟

لعلنا بحاجة إلى أن نسأل أنفسنا: من يصنع هؤلاء؟

الجواب: نحن، بمشاهداتنا، وتعليقاتنا، ومشاركتنا لهذا النوع من المحتوى.

فكل مشاهدة لمقطع سخيف، هي دفعة معنوية لصانعه ليستمر في الانحدار أكثر.

ماذا عن الأثر النفسي على الأجيال؟

أصبح أطفالنا يظنون أن المال لا يأتي إلا عبر السخرية من الذات أو تقليد “المشاهير” الذين باعوا كرامتهم. إنهم يكبرون وهم يؤمنون أن قيمة الإنسان تُقاس بعدد المتابعين، لا بما يقدمه من علم أو أخلاق أو فكر.

البديل موجود: الربح دون تشويه

منصات التواصل ليست شرًا مطلقًا. بل يمكن استغلالها لنشر محتوى هادف، تربوي، فكري، ديني أو ترفيهي راقٍ. وقد رأينا أمثلة مشرفة لأشخاص صنعوا محتوى راقيًا وجنوا من ورائه المال، والاحترام، والتأثير الإيجابي.

خاتمة: لا تبع كرامتك بثمن بخس

ختامًا، ليس كل ما يُدرّ المال يستحق التضحية بالكرامة. الشهرة التي تُبنى على السخرية من النفس، لا تلبث أن تتحول إلى عبء نفسي وعار اجتماعي. دعونا نعيد الاعتبار لقيمة الإنسان، ونُحارب معًا هذا الاتجاه الذي يسحق الجمال الإنساني باسم “الترند”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى